أخبار محليةتقارير وتحليلات

كيف حافظ الريال اليمني على قيمته أمام العملات الأجنبية ؟

#سما_عدن_الإخبارية كرم امان

حافظ الريال اليمني نسبيًّا على قيمته أمام العملات الأجنبية منذ أشهر، محققًا نوعًا من الاستقرار النسبي عند سعر معين أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي.

وبلغ متوسط سعر صرف الدولار منذ مطلع العام الجاري، عند حدود 1240 إلى 1270 ريالًا تقريبًا.

وبالنظر إلى سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية الأخرى في السوق الموازية بالمحافظات المحررة، يلاحظ أنه منذ الربع الأخير من عام 2022 والأشهر الثلاثة الأولى من 2023، لم يشهد الريال اليمني تدهورًا حادًّا، مقارنة بثلاثة الأعوام السابقة.

وفي المقابل، لم يسجل الريال أيضًا تعافيًا كبيرًا، إذ ظل يتأرجح في حدود بسيطة صعودًا وهبوطًا لا تتجاوز 10 ريالات إلى 15 ريالًا أمام الريال السعودي، و100 ريال أمام الدولار كحد أقصى.

وبعكس السنوات السابقة التي شهد فيها الريال اليمني تدهورًا كبيرًا ومتسارعًا، إذ كانت أسعار صرف العملات الأجنبية ترتفع أمام الريال اليمني في السوق الموازية ثلاث أو أربع مرات خلال اليوم الواحد، حتى وصل فيه الريال السعودي إلى نحو 460 ريالا والدولار إلى 1800 ريال.

هذا الاستقرار النسبي في حدوده المتوسطة، أثار ردود أفعال عديدة لدى خبراء الاقتصاد والمهتمين بالشؤون النقدية في اليمن، لاسيما بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية في البلاد التي شهدت تراجعًا أخيرًا، جراء توقف تصدير النفط، علاوة على تراجع ميزانية البنك المركزي وإيراداته العامة.

واعتبر اقتصاديون أن أسباب الاستقرار النسبي في قيمة العملة “هش”، وتعود لما وصفوها بسياسة كبار اللاعبين بسوق الصرف وأمزجة الصرافين، إلا أن آخرين طرحوا عددًا من الأسباب الموضوعية “المؤقتة” التي قالوا إن الاستمرارية فيها قد تحدد مستقبل الريال على المدى المتوسط والبعيد.

أسباب استقرار العملة

يقول رئيس الرابطة الاقتصادية اليمنية حسين الملعسي، إن “كل المعطيات والمؤشرات والتطورات الاقتصادية في البلد تشير إلى أن سعر الصرف يفترض أن ينهار ولأسباب كثيرة ومتداخلة، وأهمها توقف صادرات النفط وغيره من المعطيات”.

وأضاف الملعسي، لـ”إرم نيوز”، أنه “مع ذلك، فإن سعر الصرف يحافظ على توازنه في السوق، وربما يعود ذلك لأسباب عدة، منها إعلان صرف الوديعة السعودية والإماراتية عبر صندوق النقد العربي، بالإضافة إلى الجانب السيكولوجي والإعلامي وتطورات الأوضاع العسكرية واستمرار الهدنة غير المعلنة”.

وتابع: “من الأسباب أيضا، استمرار مزادات البنك المركزي والتي تسد جزءًا من حاجة السوق، وكذلك دور تحويلات المغتربين التي تسد جزءًا من حاجة السوق وتسد الجزء الأكبر من تمويل الاستيراد، فضلًا عن الاتفاق السعودي الإيراني والذي له تأثير مباشر على مجريات الأحداث في اليمن”.

مستقبل الريال اليمني

وأوضح الملعسي أن “مستقبل الريال اليمني مستقل كثيرًا عن الأوضاع الإقليمية او العلاقات الإيرانية – السعودية، فوضع الريال يتحدد بالوضع الاقتصادي والسياسي والأمني الداخلي”.

وأشار إلى أن “محددات قوة وضعف الريال اليمني مرتبطة مباشرة بموارد ونفقات البلاد من العملات الأجنبية، أي ما يتم الحصول عليه من عملات أجنبية من الصادرات وتحويلات المغتربين والمساعدات والمنح والودائع والقروض الأجنبية والاستثمارات الخارجية وغيرها”.

وبيّن أن “أكثر تلك المصادر غير متاح حاليًّا، باستثناء تحويلات المغتربين والودائع من السعودية والإمارات ومساعدات إنسانية عينية، أما عوامل إنفاق العملة الأجنبية فهي في حالة ازدياد وخاصة العملات الأجنبية اللازمة للاستيراد والالتزامات الحكومية والخاصة للخارج”.

وحول تأثير استئناف العلاقات بين السعودية وإيران على الريال اليمني، لفت الملعسي إلى أن ذلك “سيكون له آثار إيجابية على الوضع السياسي والعسكري والأمني في البلاد”.

لا توجد عوامل اقتصادية

ويرى الباحث والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري أن “استقرار صرف الريال اليمني نسبيًّا عند المستوى المعقول حاليًّا يدل على غياب أي دور حكومي أو من البنك المركزي اليمني في عدن، وبأن هذا الاستقرار يخضع فقط لعوامل المضاربات بالعملة وتجريفها أو تهريبها من السوق”.

وأضاف الداعري، لـ”إرم نيوز”، أنه “ليست هناك أية عوامل اقتصادية مفترضة تؤثر على سعر الصرف، إذا ما عرفنا أن إيقاف تصدير النفط الذي كان المدخل الوحيد للعملة الأجنبية بالنسبة للشرعية ومصدر 70% من ميزانية الدولة لم يؤثر في انهيار الصرف كما كان مفترضًا”.

وأشار إلى أن ذلك “يؤكد قطعًا أن القطاع المصرفي يدار من قبل هوامير (كبار الصرافين) العملة وليس الحكومة أو البنك المركزي”.

واختتم الداعري: “هذا الاستقرار النسبي للصرف سيستمر بتقديري حتى حدوث مستجدات حرب أو فشل المفاوضات وعودة التصدير، لكنه بالمقابل يمكن البناء عليه وتحسين الصرف إلى حدود الألف للدولار لو وجدت جدية حكومية في تنفيذ إصلاحات اقتصادية حقيقية وتم التوافق على إيقاف الحرب واستئناف تصدير النفط بينما قد يواصل الانهيار في حال العكس”.

استقرار مؤقت

يرى الخبير الاقتصادي والنفطي الدكتور علي المسبحي أن مزادات البنك المركزي اليمني خلال الفترة الماضية أسهمت بنوع من الاستقرار المؤقت في أسعار الصرف.

واستدرك المسبحي لـ”إرم نيوز”: “لكن بالمقابل كان من المفترض على البنك المركزي أن يؤثر على السوق لا أن يتأثر به، من خلال فرض سعر صرف ثابت مع كل مزاد ويثبت عليه، وليس أن يستجيب لضغوط السوق عليه من خلال مضاربة الصرافين على أسعار الصرف”.

وحول مدى إمكانية هذا الاستقرار النسبي للريال اليمني، أوضح أن “استقرار أسعار الصرف لن يستمر أكثر من 6 إلى 8 أشهر على الأكثر، وهي الفترة التي ستستنفد فيها الوديعة الأخيرة في المزادات، وسط استمرار توقف صادرات النفط اليمني”.

وأشار إلى أن “أسعار النفط مرتبطة بموارد الدولة من العملة الصعبة أكثر من ارتباطها بعوامل سياسية، فلبنان على سبيل المثال لديه استقرار سياسي لكن عملته تنهار بسبب فقر خزينة الدولة من العملة الصعبة”.

وأردف: “مستقبل الريال اليمني في وضع صعب نتيجة توقف صادرات النفط التي تعتمد الدولة عليها بنسبة 70% في تغطية الميزانية وخاصة من العملة الصعبة”.

وتساءل: “كيف سيتم تغطية هذا العجز في ظل النفقات التشغيلية للدولة من وقود كهرباء ومستحقات الطلاب والدبلوماسيين في الخارج وغيرها من النفقات، اقتصادنا صغير لا يتأثر بشكل كبير بالمتغيرات العالمية والإقليمية بقدر تأثره بتوفير الموارد وتقليل النفقات وخفض عجز الموازنة”.

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار