أخبار محلية

رؤوس اموال محلية تستعد لمغادرة صنعاء.. ما السبب؟

 

 

 

ارم نيوز.. عبداللاه سميح

 

 

 

تجدد الحديث في اليمن عن سطو ميليشيا الحوثي، من خلال ما يسمى بـ”الحارس القضائي”، على ممتلكات اليمنيين، وتهديد رأس المال الوطني في البلد، عقب سيطرة الميليشيا على اثنتين من كبريات شركات صناعة الأدوية في اليمن، خلال الشهر الجاري.

 

وتشير المعلومات إلى أن الحوثيين استولوا عبر “الحارس القضائي” السابق، منذ العام 2018، على نحو 13% من أرباح “الشركة الدوائية الحديثة” و”الشركة العالمية لصناعة الأدوية”، بحجة أنها أرباح تعود لمساهمين أصدرت “المحكمة الجزائية المتخصصة” في صنعاء، ضدهم أحكامًا قضائية، من بين 1223 يمنيًا مناهضًا ومعارضًا للميليشيا.

 

وبحسب المعلومات، فإن “الحارس القضائي” الجديد المدعو “العميد صالح دبيش”، أضاف أسماء لمساهمين آخرين في الشركتين، وهو ما تم رفضه، لتبدأ اتهامات أخرى لإدارة الشركتين، انتهت باقتحامهما في صنعاء قبل أسبوعين، ومداهمة فروعهما في محافظات أخرى، واختطاف 6 من مديريها وموظفيها، بشكل تعسفي وغير قانوني.

 

ومنذ إنشاء “الحارس القضائي” في مارس/ آذار 2018 وحتى ديسمبر كانون الأول 2021، كان الحوثيون قد استولوا على ما يزيد على 38 شركة كبرى ومؤسسة وجامعة ومستشفى في صنعاء، من خلال إدارتها أو مصادرتها أو فرض حراسة عليها، طبقًا لتقرير سابق صادر عن “منظمة سام الحقوقية”، إضافة إلى العقارات وممتلكات المواطنين في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيا.

 

*تجربة “الخميني”*

 

يقول وكيل وزارة العدل لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، فيصل المجيدي، إن الحوثيين نقلوا تجربة الخميني الذي أسس في العام 1989 “لجنة تنفيذ أمر الإمام”، لمصادرة أموال الشاة والمعارضين الإيرانيين، إلى اليمن عبر “الحارس القضائي”، بعد محاولات عديدة قام بها الحوثيون للسيطرة على أموال المعارضين، وتحديدًا العقارات.

 

ويشير المجيدي، إلى أن الحوثيين أرادوا إضفاء جانب “قانوني” على عمليات السيطرة والنهب، من خلال إنشاء “الحارس القضائي” الذي مُنح مساحات واسعة، على نفس الطريقة الممنوحة لـ”لجنة تنفيذ أمر الإمام” في إيران.

 

وأضاف أن “الحارس القضائي” موجود في القانون المدني اليمني، وقانون المرافعات، “لكنه ليس شخصًا بعينه، وله مهمة محددة، من خلال قيامه بإدارة العين المتنازع عليه بين طرفين، سواء كان مؤسسة أو شركة أو نحوهما، دون انتزاع الملكية حتى يتم الفصل وحل الخلاف”.

 

وبيّن أن الحوثيين منحوا “الحارس القضائي” صلاحيات كبيرة جدًا بعيدة عن القانون، بما يمكنهم من الاستيلاء على مئات الشركات والمؤسسات والجامعات والمستشفيات الخاصة، وإيراداتها التي قد تصل إلى ما بين مليارين ونصف وثلاثة مليارات دولار سنويًا، بشكل مخالف للقانون.

 

وأكد وكيل وزارة العدل أنه ما من علاقة تربط “الحارس القضائي” التابع للحوثيين بالقانون اليمني مطلقًا، وهو مخالف للشرع كذلك، “بل إنه أورد بعض الأوامر للنيابة الجزائية أو المحكمة الجزائية، التي أصبحت حوثية خالصة، يأمرها بأن تصدر أحكامًا بمصادرة أو الإفراج عن بعض الممتلكات والعقارات”.

 

*سرقة واضحة*

 

ومن جانبه، يرى رئيس منظمة “سام” الحقوقية، توفيق الحميدي، أن ما يُطلق عليه الحوثيون “الحارس القضائي”، هو مصطلح مضلل، لا علاقة له بالقانون، ولا بمصطلح الحارس القضائي في القانون اليمني، وهو مخالف للدستور اليمني الذي يحمي الممتلكات الخاصة، ومخالف كذلك للاتفاقيات الدولية بما فيها العهد المدني للحقوق السياسية والاقتصادية على حد سواء، حتى أثناء النزاعات.

 

وأكد أن ما يمارس من قبل الحوثيين، “أقرب للسرقة الواضحة، تحت غطاء قضائي بعد إعادة هيكلتهم للنظام القضائي قبل سنوات، والاستئثار بدرجة أساسية بالمحاكم الجزائية، ومحاكم الأموال العامة، وهو ما أفقد القضاء استقلاليته وجعله يمارس نوعًا من الانتقام”.

 

وذكر الحميدي، أن ما يسمى بـ”الحارس القضائي” يمارس أدوارًا متعددة، “منها مصادرة أموال الخصوم، وإدارة الشركات والمؤسسات التي يتم الاستيلاء عليها، ولديه عدد كبير من الموظفين وفروع منتشرة في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين”.

 

وقال إن ما رصدته “منظمة سام الحقوقية” حتى اليوم، يقارب 2000 شركة طالتها أيدي “الحارس القضائي”، بما تصل قيمته إلى قرابة ثلاثة مليارات دولار.

 

وأكد: “باعتقادي أن العدد كبير جدًا، لأن ما رصدناه فقط هي الأموال التي تم نهبها، في حين أن هناك العشرات من المزارع والشركات والمنازل التي شُرد قاطنوها، فضلًا عن الأرصدة البنكية التي تم تجميدها بالتواطؤ مع البنك المركزي في صنعاء وعدد من البنوك الأخرى، تحت مبررات أوامر قضائية تتم باسم الحارس القضائي”.

 

*تجريف القطاع الخاص*

 

ويواجه القطاع الخاص اليمني، أعباءً متزايدة ناجمة عن سنوات الحرب وتداعياتها؛ إذ تشير تقديرات البنك الدولي، إلى أن خسائره المباشرة وغير المباشرة، خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الحرب اليمنية فقط، وصلت إلى 27 مليار دولار، بعد أن اضطر ما يقارب 25% من إجمالي عدد الشركات، إلى الإغلاق.

 

وحذّرت الحكومة اليمنية قبل أسابيع، من مخاطر مضي الحوثيين في مخطط تجريف القطاع الخاص والتضييق على رؤوس الأموال والبيوت التجارية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، الرامي إلى “دفعها للمغادرة إلى خارج البلد، لصالح شركات ومستثمرين تابعين لهم، بهدف السيطرة الكلية على القطاع التجاري، والتحكم بالاقتصاد الوطني”.

 

وأشارت إلى أن القطاع الخاص تعرّض منذ انقلاب الحوثيين إلى “عمليات ابتزاز وتضييق مستمر، عبر إغلاق ومصادرة مئات الشركات والمصانع والمنشآت التجارية، وفرض جبايات ورسوم وغرامات غير قانونية، واحتجاز البضائع في المنافذ والتصرف بها وبيعها، وفرض قوائم سعرية، الأمر الذي أدى لإفلاس عدد من الشركات والتجار، ونزوح رأس المال الوطني خارج البلد، وفقدان عشرات الآلاف لوظائفهم”.

 

ويؤكد وكيل وزارة العدل، فيصل المجيدي، أن عمليات النهب والمصادرة التي يقوم بها الحوثيون، ستخلق اقتصادا موازيا لليمنيين، ولها تداعيات كارثية على الاقتصاد المحلي، “وهناك الآن حديث عن هجرة للقطاع الخاص من صنعاء إلى عدن وإلى خارج اليمن، نتيجة هذه المصادرات الفاضحة”.

 

وقال، إن ميليشيا الحوثي تريد أن تكون هي المسيطرة على الاقتصاد الوطني وتتحكم فيه، غير عابئة بانهيار مؤسسات الدولة أو الاقتصاد الوطني، “وهذا أمر حقيقي وخطير، ينبغي الوقوف أمامه بجدية”.

 

تحرير المقال
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار